..,‘ المشهد الأول ‘,..
رأيته في البقالة مع والده ذالك الطفل الصغير يمد يده لقطعة حلواء جاهدا أن يصل إليها تمنعه يدَ والده التي تمسك بيده الصغيره الأخرى والطفل يبكي ولاتزال تلك اليد ممدودة تحاول الحصول على تلك القطعه والتي أصبحت بعيدة المحال وكأنه يطاول النجوم وسط صلف ذلك الأب القاسي على فلذة كبده الصغير حتى سحبه وخرج ودموع الطفل تسقي خدوده الوردية بلون أحلامه الصغيره وعيناه لازالتا تنظران صوب حلمه الصغير!!
أحسست بالشفقة والغضب في آن واحد ولكل من الأب والطفل حصته منهما !!
ماذا جرى لو اشترى الأب لطفله تلك القطعة والتي لا أظنها ستتجاوز الريال قيمة , فيدخل السرور على قلبه ولسان حاله يقول أنا أحبك يا بابا وهو يزدرد تلك الحلوى بين أسنانه وبقاياها تلون شفتيه ؟ ويديه الملوثتين تطوق عنق أبيه أحلى أب في الدنيا , ولربما كانت تلك القطعه سببا في زيادة رزقه وربما سببا في دخوله الجنة , وكأني بالطفل قد نام ليلته تلكوهو يحلم لا بالبيت ولا بالوظيفة بل بقطعة حلوى رأها فأبى القاسي أن يشتريها ولسانه يداعب شفتيه يمسح بقاياها في أحلامه الوردية !!
..,‘ المشهد الثاني ‘,..
انطلقنا سوياً في السيارة أنا وصديقي العقيم كنا نتحدث في بعض المواضيع .. وحانت منه التفاتة نحو تلك اللوحة العملاقة في الطريق فصوب النظر وأخذ يتمعن .. تظاهرت بأنني لم أنتبه لنظراته نحو تلك اللوحة والتي لم تكن سوى إعلان لوصول طبيب عقم مشهور لذلك المركز الطبي ..
انطلقنا في مشوارنا لكن أحلامه الوردية لم تنطلق بل بقيت تراوح مكانه عند تلك اللوحة يحلم بذلك الطفل الذي يناديه يوما بابا بابا اشتري لي حلوى فيشتري كل ماتقع عليه عين طفله في البقالة , ويرى طفله وهو يزدرد تلك الحلوى بلهف وقد لوث يديه ولسانه عانق شفتيه يمسح بقاياها, وبقاياها قد لوثت ثوب الأب أيضاً كل ذلك والأب يقول صحة وعافية ياحبيبي , إذا خلصت الحلوى أجيب لك أي نوع تحب أكثر ؟! فيشير الطفل إلى قطعة حمراء وأخرى خضراء ويقول مثل هذه يا بابا !!
سبحان الله قرأت المشهدين فرأيت الأول طفل صغير يبكي لأن اباه لم يشتري له قطعة حلوى والمشهد الثاني أب ليس لديه طفل صغير ليشتري له قطعه حلوى وبين المشهدين أحلام ورديه صغيره كانت أم كبيرة , لكن كم من المطارق تحتاجها رؤوسنا لنعلم فضل الله ورحمته بنا وكم من الصفعات نحتاج لنصحوا من غفلة طالما أعمت أعيننا عن رؤية نعم الله علينا وكل ذلك بين نظرتين...